Wednesday, June 25, 2008

الضحك يقتل الخوف

الاتصالات . . . وقضايا . . . المجتمع

أول الطريق إلى الحكمه هو أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية – وباب الاتصالات وقضايا المجتمع يلقي الأضواء علي تأثيرات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات علي القضايا الاجتماعية والأمور العظيمة قادمة وتستحق أن نحيا ونموت مـن أجلها .

الضحـــك يقتــــل الخــــوف
ـ
في رواية اسم الوردة لامبرتوايكو يقول المعلم غوليامو عن المكتبة أنها ليست اداه لنشر الحقيقة بل لتأجيل ظهورها . . وفي أحدي الحوارات الصحفية يعبر أمبرتوايكو عن هاجسه من أن التطور الاليكتروني المتسارع في زمننا المعاصر سيؤدي الي تحول المكتبة من مكان لقراءة الكتب الي متحف لجمعها وعرضها .
أمبرتو ايكو ( سبق لمكتبة الاسكندرية استضافته ) هو ناقد أدبي وفني ومنظر سيميو طيقي ( علم العلامات والرموز ) ودارس للعصور الوسطي ومهتم ايضا بتقنيات الاتصالات المعاصرة والتنظير لها . . وهو ايطالي الجنسية وقد أقتحم مجال الرواية وفاجأ العالم بروايته الاولي ( 1980 ) " أسم الوردة " وباعت الرواية مايقرب من عشرة ملايين نسخة بعد ترجمتها للغات العالم الحيه واصبح من مشاهير الاثرياء من الكتاب . . وعلاوة علي أنه كاتب أدبي فهو ايضا عالم له مكانة متميزة في الفكر العالمي المعاصر . . وروايته " أسم الوردة " هي رواية أهم مافيها أنها تدافع عن حرية المعرفة وحق الانسان في أن يعرف كل شئ بلا حجر ولا وصاية من سلطه أو كهنوت والحبكه الرئيسية للرواية تدور حول المعرفة المحجوبة والموت جزاء من يصل اليها وكان الدير في الرواية يمثل المجتمع المغلق المعزول وكان مصيره في نهاية الرواية الدمار والفناء . . وكانت المحرمات في هذه الرواية هو كتاب فن الشعر لارسطو وخصوصا باب الضحك واذا عرف الانسان اسرار الضحك أكتسب قدرة السخرية من كل شئ .
والمعرفة في أبسط تعريف لها تختلف عن المعلومات . . فالمعلومة واحد زائد واحد يساوي اثنين وهذه تظل معلومه الي أن يتم توظيفها . . أي يستفاد بها في تصميم دائرة ما لانجاز مهام ما كالآله الحاسبة مثلا والتي بواسطتها يتم أنجاز عمليات رياضية هائله في ثوان . . هنا تتحول المعلومه الي معرفه أي أن المعرفه هي معلومه تم توظيفها وينتج عنها شئ يستفاد به في حياتنا ويغير طريقة وأسلوب ادائنا وعملنا . . والمعرفه منذ الأزل كانت مرادفا للطريق الطويل . . المتاهه . . الهلاك الصعب . . القاسي . . الاهوال . . المحرم . . الحرق . . فمنذ آدم وحواء والفاكهة المحرمه والتي تذوقاها من أجل المعرفة وتحت أغواء الشيطان وكان نصيبهم الطرد من الجنة . . والمعرفه يقترن بها الغواية . . فالشيطان هناك . . ومعرفة الخطئية كانت الدافع وراء الفعل والطرد من الفردوس كانت التضحية من أجل المعرفة ولاحقا حدثت الجريمة الاولي علي الأرض ( مقتل هابيل ) فهي كانت حاصل لتلك المعرفه . . فهناك علاقة بين الجريمة هذه والمعرفه . . وماينال الانسان من عقاب يقترن بالسعي للمعرفة ولكنه يظل يمضي وهذا مايقوله التاريخ البشري ، . . سفينة نوح كانت بنيت أصلا لمعاقبة غرور الانسان وتشبهه بالآله جبروتا وجورا . . آلهه الاوليمب عاقبت سيزيف ( أسطورة أغريقية قديمة ) بأن حكمت عليه بحمل الكرة الأرضية وأن يصعد بها لقمة جبال الاوليمب ثم تقوم بأعادة دحرجتها أسفل الجبال ليقوم برحلة النزول والصعود ثانية يحملها فوق ظهره ( يمكن رؤية هذا التمثال أعلي محل البيت المصري بالعتبة ) . . في أسطورة جلجامش ( أسطورة فينيقية قديمة ) وفي سعيه للمعرفة للعالم المجهول . . يخوص رحله مليئة بالاهوال للعالم الآخر كرمز للمجهول والذي لايعرف عنه شيئا . . الانبياء تعرضول للآيذاء الشديد ومنهم من تم صلبه . . العلماء . . منهم من تعرضوا للحرق في سبيل المعرفة . . ولكن الانسان يسير في رحلة نحو المعرفة . . فالمعرفة غيرت الوجود ذاته . . وحول هذه المعاني تدور أحداث رواية أسم الوردة لامبرتوايكو . . وقد تم تحويلها لفيلم بطوله الممثل البريطاني شين كونري والمشهور بأفلام العميل 707 جيمس بوند . . في منطقة منعزلة . . تحوطها الجبال من كل جانب يزداد أحساسنا بعزلتها عندما تبتعد الكاميرا لاعلي فيتكشف المنظر عن تلال عالية يكسوها الجليد الابيض ولاشئ غير البياض في مساحه مترامية يقبع دير بندكيتي في عزلتة القاسية كحال الأديرة في بقاع العالم . . يذكرنا مثلا بدير سانت كاترين وسط السلاسل الجبلية بمنطقة وسط سيناء والرحله اليه من الاطراف المطله علي الشواطئ سواء الشرقية أو الغربية تستغرق حوالي ثلاث ساعات بالسيارة في طرقات بجانبيها صحراء خاليه . . فضاء واسع مثل تلك التي نراها لرواد الفضاء علي سطح القمر . . والاحداث تدور في القرن الرابع عشر وقتما كانت المواجهات الفكرية والتي كانت تأخذ في أغلب الاحيان طابعا دمويا حادا بين الفرق والتيارات المسيحية المختلفة وعلي خلفية صراع المصالح والاستحواذ علي مناطق النفوذ بين البابا وامبراطور روما . . وهما يمثلان قطبي الصراع الخارجيين ويؤثران بشدة في عالم الدير برغم مايبدو من عزلته في بقعة ما من شبه الجزيرة الايطالية . . البابا يرابض في قلعة في افينيون في جنوب فرنسا . . والدير هذا مخصص لطائفة الفرنسيسكان وهو بهذا التصوير يرسم صورة مصغرة للعالم الدنيوي والذي يمثله الامبراطور ( لودفيك ) الذي نزل بجيوشه لايطاليا تحديا للبابا الغاضب . . ورئيس الدير الراهب ( يورج ) هو راهب أعمي يحرم الضحك بحجة أن السيد المسيح لم يضحك مطلقا . . وهو رجل مسن قد تقوس ظهره تحت وطأة السنين ، وظهر أبيض كالثلج . . وجهه وحدقتا عينيه . . وعندما ينظر اليك يتخيل اليك أنه يبصرك ويكاد يبدو أثناء حركته أنه يتصرف كما لو كان ينعم بالبصر . . وتنم نبرة صوته عن بصيرته هذه وهو يمتلك موهبة التنبؤ ويردد دائما أن مصير هذا الدير هو الفناء وكانه يعرف المستقبل ويعتقد ايضا اعتقادا راسخا بسفر الرؤيا الانجيلي ولايبالي بمصيرة الشخصي ويدعو الي التهيؤ لنهاية العالم الوشيكة . . كانت طائفة الفرقة الفرنيسكانيه تتبني نهجا ادانة البابا ممثل السلطه الدينية في ذلك الوقت وهم لايستطيعون المجاهرة بذلك ويري يورج . . الكاهن الاعمي لهذا الدير أن المكتبة يجب أن تخفي الكتابات المعارضة ليتم أثبات كذبها في الوقت الذي يحدده الآله . . فهو يري أن ذلك هو مهمة مكتبة الدير العظيمة . . فهو يري أن الكتب التي يحرص علي اخفائها بالمكتبة من الخير أن يجري أبادتها قبل أن يتم الاطلاع عليها وقبل أن يثبت عكس ماتحتوية يتعارض مع أصول العقيدة . . وعلي مايبدو أو يحكي بعض الرهبان بالدير أن هذا الكاهن قد تعرض للعقاب مما أدي للعمي . . فلقد تم تكليفة في شبابه بمهمة لبلد آخر من أجل جلب مخطوطات لمكتبة الدير ويبدو أنه خالف التعليمات بالاطلاع علي بعضا من هذه المعرفة والتي علم بتحريمها . . فتعرض للعقاب المؤدي للعمي وهو لهذا كان الاكثر تزمتا لانه دفع ثمنا باهظا للفضول في تلقي المعرفة المحرمه . . ويرجع اصل هذا الراهب لاسبانيا وكانت محاكم التفتيش الاسبانية هي الاكثر تزمتا وقسوة بين مثيلاتها بالبلدان الآخري . . ويعتبر الكاهن يورج نفسه حاميا للمكتبة . . .
يلعب شين كونري في هذا الفيلم دور المعلم لراهب صغير يدعي " أدسو " وأدسو هذا هو الراوي للمتاهه ( المقصود رواية اسم الوردة ) وشين كونري يمثل دور غوليامو الرجل العارف وكبير السن ايضا وغوليامو هذا كان رسول الامبراطور لودفيك الي رئيس دير الفرنسيسكان ( يورج ) وذلك للتحقيق في جرائم غامضة متتالية تهز الدير . . وغوليامو هذا رجل ذكي عمل زمنا محققا بمحاكم التفتيش لمحاربة الهرطقة وترك هذا العمل عندما شعر باللامنطقية والظلم في استدراج الناس الي المحرقة بتهم شنيعة . . وبأعماق ذاكرته هناك حادثة يتذكرها جيدا أنه شخصيا قد تعرض لتهمة الهرطقة لتعاطفه مع أحد المتهمين بها اثناء مثوله أمام محاكم التفتيش . . فتم اتهامه من قبل أحدهم ( ستتقاطع الاحداث لاحقا بالرواية ليتقابل معه ثانية بالدير وهو مبعوث البابا للدير للتحقيق في نفس الاحداث والجرائم الغامضة التي تحدث بالدير ) بالهرطقة ولكن غوليامو خشي أن يتعرض للحرق فتخلي عن تعاطفه مع المتهم بالهرطقة أمام محاكم التفتيش وتركه ليواجه مصير الحرق برغم قناعته بعبث ذلك . . ولكن علي مايبدو أن هذه الحادثة عادت مع أحداث الراوية / الفيلم لاحقا لتلعب دورا خلاقا . . .
يأتي لقاء ادسو ( الراهب الصغير ) مع غوليامو ( مبعوث الامبراطور لحل لغز الجرائم التي تهز أركان دير طائفة الفرنسيسكان ) وكانه لقاء بالمعرفة نفسها ولكنه في ذات الوقت المعرفه التامة والتي هي مستحيلة في نفس الوقت أذ يتخللها الشك واليقين فغوليامو كان يبحث عن شئ ماوراء الاحداث الدامية والجرائم التي هزت أركان الدير ولكنه بالطبع غير متأكد ماهو ولايستطيع الجزم أو اليقين به ولكنه يعرف أن الطريق الي هذه المعرفة يمر بدروب من الاهوال المؤجلة والدامية في ذات الوقت يبدأ غوليامو مهمته في البحث وراء القاتل . . وفي حقيقة الأمر فان أصحاب المنهج المعرفي للحكم علي الامور والاشياء يبدأون عملهم بقناعة معينة وهكذا يبدأ غوليامو رحلتة البحثية وقناعته تزداد بأن هناك علاقة مابين الجرائم التي تحدث في الدير وبين المعرفة فأثناء حواراته مع الرهبان بالدير . . يسأله مدير مكتبة الدير . . لماذا يلح علي الاعمال الاجرامية دون التعرض لاسبابها الشيطانية . . داخل هذا العالم اللاهوتي يكون الشيطان حاضرا بقوة وهو وراء كل غواية وخطيئة . . والغواية والخطيئة يرمز اليها بالجنس والرغبة في المعرفة الغير شرعية لاهويتا . . ويتعرف غوليامو اثناء بحثه علي أن هناك العديد من الكتب والمحاطه بالتكتم الشديد داخل المكتبة وهومحاطه بهذا التكتم الشديد لوصفها بالالغاز والسحر والكاهن يورج رئيس الدير يعتبر نفسه الحارس الخفي لاسرار المكتبة بل ويعتقد ايضا اعتقادا راسخا أن الكتب المخفية داخل المكتبة قد ظلت هكذا مخفية ومجهولة لالف عام باراده الرب وأن هذا الكتاب لم تذاع سيرته ثانية ولم يظهر للوجود مره أخري الا بواسطة العرب ( والذين كان يطلق عليهم في أوربا في القرون الوسطي . . زمن الرواية منتصف القرن الرابع عشر . . بالكفار ) . . بدأ غوليامو ( شين كونري ) يسمع حكايات غريبة تتردد علي ألسنة رهبان الدير حول راهب اراد أن يجازف اثناء الليل ويدخل للمكتبة للبحث عن كتاب ما ولم يتمكن من الحصول علي مفتاح المكتبة . . فرأي ثعابين وبشربدون رأس وبشرا برأسين وكاد أن يخرج مجنونا من المتاهه . . وهذا مايسمعه غوليامو بعد حدوث أحدي الجرائم وأثناء وجود غوليامو نفسه بالدير ويسمع هذه الحكاية من صديق الراهب المقتول . . والراهب المقتول كان نساخا ورساما . . وهؤلاء يكون فضولهم نحو المعرفة يغلب عليهم ومن ثم الوصول الي المكتبة أملا في المخطوطات النادرة والمرسومة في أزمان قديمة سابقة والمضروب عليها نطاق من الحظر والكتمان وقد تلاحظ لغوليامو أن المقتولين تظهر عليهم اعراض غريبة أذ وجدت أطراف اصابعهم سوداء وكذلك ألسنتهم . . فيبدأ غوليامو بالشك أن هناك سم ما تم قتل هؤلاء بواسطه هذا السم ويبدأ بالشك في المسئول عن المعمل بالدير . . ولان لدية قناعة راسخة بأن هناك علاقة بين الجريمة والمعرفة . . يبدأ في استدراج المختص بالمعمل اعتقادا منه أن له علاقة بذلك السم القاتل فيقول له " لاينبغي أن تصل دائما اسرار العلم الي أيدي الجميع . . أذ قد يستعملها لاغراض سيئة . . ولذا فمن الصالح في مكان كهذا أن لاتكون بعض الكتب في متناول الجميع " . . كان غوليامو يشير تلميحا الي تلك الكتب المخفية والمليئة بالاسرار والالغاز والتي يحرص أحد ما بالدير اعتقادا منه أنها معرفة غير شرعية ومحرمة لاهوتيا . . علي أخفائها . . مما يذكر أنه كان هناك جدال بين كاهن الدير يورغ والقتيل الثاني حول موضوع أحد الكتب وكان كتاب الضحك لارسطو وقد وصف يورج ذلك الكتاب بأنه من عمل الشيطان وظل مخفيا لالف عام بأراده الرب حتي وصل للعالم المسيحي مرة أخري عن طريق العرب الكافرين ( كما كان يطلق عليهم في ذلك العالم المسيحي ) . . وبدأت بعض الدلات تتكون داخل عقل غوليامو . . أنه لابد من البحث عن المتاهه . . أين المكتبة المخفية . . ماأظهره رجال الدير أثناء أحدي مراحل التحقيق عبارة عن حجرة بسيطة تحوي بعض الكتب لم يدخل في عقل وذهن المحقق غوليامو أنها يمكن أن تكون المكتبة الحقيقية للدير والتي تخفي الكثير من الكتب النادرة ولاتتفق مع كلمة المتاهه التي سمع ترديدها كثيرا في هذا الدير . . وبعد وقوع الجريمة الثالثة منذ وصول غوليامو للدير يتلاحظ لغوليامو أن الاحداث الاكثر أهمية تقع أثناء الليل هناك من يموت ، وهناك من يطوف بقاعة الكتابه ، ونساء يدخلن ، والجريمة الثالثة يروح ضحيتها ايضا أحد الرسامين ، . . ويورغ كاهن الدير هذه العجوز الاعمي كان معروفا بكثرة تجواله ليلا . . فهو يظهر غالبا في أوقات الازمات السابقة أو اللآحقة لوقوع جريمة قتل . . وهو الذي ظهر فجأة اثناء تحقيق غوليامو مع مسئول المعمل . . وظهر اثناء المناقشة حول كتاب غريب في المعمل ولم يكن هذا الكتاب سوي كتاب أرسطو عن الفكاهه وأحد فصوله الهامه عن الضحك . . لقد كان يورغ الكاهن يخشي من تمادي الرهبان في فضولهم المعرفي مما قد يضع حجة بيد اعداء جماعة الاخوة الفرنسيسكان وهي المتهمة اصلا بالهرطقة بسبب تبنيها فكرة " فقر المسيح " والتي أدانها البابا وحرمها . . يورغ كان يعتقد أن سلوكه هذا في التعامل مع قضية الكتاب السري منطقي ومبرر مادام في صالح الرهبنة . . الكاهن يورغ رئيس طائفة الفرنسيسكان بالدير المعزول في بقعة ما بالجزيرة الايطالية وكانوا متهمين من قبل البابا بأنهم يقفون مع من ينادي بفكرة فقر المسيح وهي كانت مدانة من البابا ومؤيده من الامبراطور . . ولكن هؤلاء الأخوة ينتمون لزاما للسلطة الدينية الممثلة في البابا وماكانوا ليجرأون بعد علي اعلان الانشقاق العلني علي البابا . . ويورغ كان يدرك أبعاد ذلك الصراع وتأثيرة علي الرهبانية والتي يعتبر نفسه أحد كبار مراجعها وهو ايضا قد وجد في تفسيره الخاص الحاكمي لاحد النصوص المقدسة . . ايه في الانجيل . . معتقدا أنها تجلي ساعه القيامة وتحدد مصير هؤلاء الرهبان العصاه . . وماكان يدور بخلده ابدا أنه بتفسيرة الخاص لهذا النص المقدس وممارسته التي ستتضح فيما بعد أنه هو نفسه سيكون تجسيدا لهؤلاء الرهبان العصاه المارقين . . يسلك غوليامو بطريقتة الخاصه رحلة البحث عن المتاهه الي مكتبة الدير حتي يجدها بعد عناء شديد فكان هذا نتيجة رائعة للمجهودات العظيمة التي بذلها حتي هذه المرحلة من البحث ويعلن في الدير أن مبعوثا آخر من قبل المحكمة البابوية سيرسله البابا للتحقيق في جلاائم القتل التي لم تتوقف حتي بعد وصول مبعوث الامبراطور . . المحقق غوليامو . . وكان غوليامو يعرف هذا المبعوث رسول البابا فقد مرا سويا بتجربة مازالت تعيش في وجدان غوليامو . . تجربة أتهامه بالهرطقة لتعاطفه مع أحد المتهمين أمام محاكم التفتيش . . وعموما يصل مبعوث البابا وكان يحكم تفكيره أن هناك بين مجتمع الدير من يأتي بأفعال محرمه لاهوتيا وأن الشيطان يسكن هؤلاء وهذه الجرائم ورائها الشيطان الذي يسكن الدير ويجب التطهير ويجد ضالته المنشودة في أحد الرهبان الذي يجد في ارائه المعلنه تجاوزا وكفرا من وجهة نظر المحقق البابوي وكذلك أحد الاشخاص الموجودين بالدير وكان أحدب وبائسا بؤسا شديدا ويعاني من الحرمان في كل شئ ويبدو مثل أحدب نوتردام في الرواية الشهيرة بهذا الاسم . . وهذا لانهم ضبطوه يجامع فتاة بالدير تشابه حاله بؤسا شديدا . . ويقوم المحقق البابوي بأجراء عمليات تعذيب شديدة للأحدب البائس لتقنعه بالاعتراف بأن الشيطان يسكنه حتي يتطهر ويعفو عنه . . ويعقد ذلك المحقق البابوي مايشبه المحاكمه لهؤلاء الثلاثة ويوجه اليهم الاتهامات بارتكابهم الخطيئة وأن الشيطان بداخلهم وهو سبب تلك الجرائم التي تحدث بالدير . . وأيا كانت دفاعتهم ( في محكمة دنشواي وايا كانت دفاعات الفلاحين . . حكم عليهم بالشنق ) . . حكم عليهم بالحرق . . وتم قيدهم علي سارية كبيرة فوق كومه ضخمة من القش وتم دهانهم بالزيت حتي تلتهمهم النار بمجرد اشعال القش واثناء ذلك وأثناء حرق الثلاثة ، الراهب ، الاحدب ، الفتاة بأعتبارهم مأوي الشيطان الذي يسكن الدير ويتسبب في جرائم القتل . . تحدث جريمة قتل أخري داخل الدير . . مما يشير الي زيف المحاكم التي أجريت لهؤلاء وأن الموضوع ليس بموضوع شيطاني . . يكون غوليامو قد توجه بسرعة نحو المتاهه وهناك يلتقي بالكاهن الكبير للدير جالسا في استسلام مدهش أمام المحقق غوليامووالذي يبدأ في مواجهته براويته عن جرائم القتل ويتهمه هو . . أي الكاهن . . بأنه سرق السم من المعمل . . وسمم به كتاب الضحك لارسطو . . حتي يموت كل من يقترب من هذا الكتاب وتدور بين المحقق غوليامو والكاهن حوارا رائعا حول الكتاب ومؤلفه . . أذ يسأله هل فعل ذلك لان مؤلفه هو أرسطو . . فيجيب الكاهن ليس فقط . . فابالرغم من أن أرسطو . . يقول يورج . . أن كل كتاب لهذا الرجل قد حطم جزء من المعرفة التي جمعتها المسيحية طيلة قرون . . فان سفر التكوين أورد مايجب معرفته عن تركيب الكون وماأن أكتشفت كتب الفيلسوف الفيزيائية حتي أعيد التفكير في الكون بمعني الماده الصماء اللزجة وحتي كاد العربي أبن رشد أن يقنع الجميع بسرمدية العالم ) . . ويسأله غوليامو . . اذا فلماذا هذا الكتاب بالذات قد قمت بتسميمه . . فيقول يورغ بعدما بدأ يأكل أوراق الكتاب ( أخفاءه حتي الرمق الأخير في حياته ) وهرب من أمام غوليامو وجري في المتاهه . . قال لغوليامو . . أني أخاف من الضحك قدر الخوف من أرسطو والشيطان . . فالضحك يبعد السوقي لبعض لحظات عن الخوف ويمنح الانسان العادي العامي وسيلة للهزء من الحقائق . . فلو حرك أحدهم يوما كلمات الفيلسوف وتكلم أذن الفيلسوف ورفع فن الضحك الي مكانه سلاح ذكي . . لو عوضت الحجة المتأنية والمنجية التي تعتمد علي صور الخلاص البشري بالحجة المتلهفة التي تغلب كل الصور المقدسة والجليلة . . أه ، في ذلك اليوم أنت ايضا وكل معرفتك ياغوليامو ستكونان من المهزومين ) . . ويسقط الكاهن من فعل سريان السم في جسده فأوقع أحد المصابيح الزينية من مكانها وبدأت الاوراق التي معه تحترق وتسري النار في المكتبة ثم في الدير بأكمله . . لقد كان يورج الكاهن يخشي الكتاب الثاني لارسطو ( الضحك ) لانه يعلمنا كيف نمسخ وجه كل حقيقة وصولا للحقيقة المثلي حتي لانصبح عبيد أوهامنا .
هوامش : معاني بعض المفاهيم التي وردت بالرواية
الضحك هو شكل من اشكال التعبير عت التسلية والمرح ومشاعر آخري أحيانا . . كذلك فالضحك هو رد فعل طبيعي للانسان السليم علي المواقف الضاحكه كما يمكن أن يكون وسيلة دفاع ضد مواقف الخوف العفوية ، والضحك يعد تعبير عن التعاطف والتفاهم المتبادل بين البشر وهو أحدي وسائل التواصل علي مدي التاريخ وهو يستخدم كوسيلة علاجية عبر أفراز هرمون وتقوية المناعه وبعد عدة نوبات من الضحك تزداد نسبة خلايا الدم البيضاء في الدم . يساعد الضحك علي تقوية عضلات الوجه والبطن والدورة الدموية في القلب مما يؤدي الي رفع ضغط الدم وزيادة نسبة الاكسجين في الدم . . والطفل يبدأ في الضحك بعد 17 يوما من ولادته وهو يبدأ في الضحك قبل أن يتعلم الكلام وحتي الطفل الاعمي أو الاصم يحتفظ بقدرته علي الضحك . . فالضحك شئ بدائي .
محاكم التفتيش استخدمت بشكل عام لمحاكمة المهرطقين بواسطة الكنيسة الكاثوليكية وكان ذلك من خلال محاكمات اكليريكية أو المحاكم التي اقامتها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية لمكافحة الهرطقة وخلال القرن السادس عشر تم حرق 50 الف امراة منهم 25 الف بالمانيا . . ويرجع التاريخ لما قبل القرن الثاني عشر بالتدرج في انواع العقاب بدء من النفي والسجن ثم عقوبة الاعدام بالحرق وانشئت هذه المحاكم بقرار من البابا جرينوار التاسع في عام 1233 وكان هدفها محاربة الهرطقه وقصد بها أي أنحراف ولو بسيط عن العقائد المسيحية الرسمية وتجاوز عدد الضحايا الذين ماتوا حرقا بعشرات الآلاف وكان المصلح التشيكي المشهور جان هوسي وكان راهبا مشهورا بأخلاصه وتقواه واستقامته وكان عميدا لجامعة براج في بداية القرن الخامس عشر وأتهموه بأنه كان يدعي أن الكنيسة خرجت عن مبادئ الدين وأن بعض القساوسة والمطارنه انحرفوا عن واجبهم الحقيقي واهتموا بمصالحهم الشخصية واستقلالهم المادي للناس البسطاء وعلي أثر ذلك قامت الكنيسة بتكفيرة بتهمة الزندقة واعتقلوه والقوه طعام للنيران في 7 يوليو 1415 . . كذلك مثل أمام محاكم التفتيش الفيلسوف الايطالي جيوردانوبرينو والعالم الشهير جاليليو وكوبرنيكوس القائل بدوران الأرض حول الشمس . .
- منطق أرسطي : أثر أرسطوا كثيرا في مفكري العالم وكان المنطق الصوري الذي جاء به يعتبر أول القواعد التي عرفتها البشرية ويمكن فيه أن نميز بين مجموعة من المفاهيم مثل التصور وهو فكرة عامة تعبر عن مظهر من مظاهر الواقع . . وهناك نوعين من الاستدلال الارسطي وفيه تقابل القضايا وعكس القضايا .
ويعد أرسطو ثاني أكبر فلاسفة الغرب بعد أفلاطون مؤسس علم المنطق وصاحب الفضل الأول في دراستنا اليوم للعلوم الطبيعية والفيزياء الحديثة وأفكاره حول الميتا فيزيقا لازالت محور النقاش الأول في المناقشات الفلسفية في مختلف العصور وهو مبتدع علم الأخلاق ومؤسس علم البيولوجيا بشهادة داروين ولد سنة 384 قبل الميلاد في شمال اليونان وفي عصر الدوله الرومانية والبيزنطية تبنوا المنطق الافلاطوني ضد الارسطوطاله . . ولكن اعيدت للفلسفة الارسطوطاليه سمعتها مع بداية القرن التاسع بفضل ظهور الفيلسوف الالماني هيجل .
- جاليليو : عالم فلكي وفيلسوف وفيزيائي ولد في بيزا الايطالية في 15 فبراير 1564 ومات في يونيو 1642 قام بنشر نظرية كوبرنيكوس ودافع عنها وهو أول من أثبت خطأ الاعتقاد بأن لو تم القاء جسمين مختلفي الوزن فان الجسم الاثقل وزنا يصل للارض قبل الآخر لكن جاليليو أثبت بالنظرية الرياضية خطأ هذا الاعتقاد واعتلي برج بيزا والقي بجسمين مختلفي الوزن فاصطدما بالارض في نفس اللحظه وأوضح خطأ عدة نظريات رياضية آخري . . وعندما صنع المنظار بشكل أفضل مما سبق أثبت أن الارض ليست مركز الكون وأنها ليست سطحه . . وعلي أثر ذلك تم تقديمه لمحاكم التفتيش واستطاع الافلات من العقاب أمام محاكم التفتيش ولكن بعد أنصياعه لامر الكنيسة حينها والتي ظل صامتا عن ترديد مقولته العلمية الي حين وظل منفيا في منزله حتي مماته ولكن الكنيسة قدمت اعتذارا لجاليليو في عام 1983